סטודנטים וסטודנטיות יקרים,
نفتتح العام الدراسي 2025–2026 بملء كبيرة يثيرها تحرير المختطفين وانتهاء حرب "السيوف الحديدية". لا ننسى المختطفين الأموات الذين ما زالت جثثهم في غزة، ننادي بإعادتهم جميعًا، ونأمل أن تقوّي هذه الأحداث شعورنا بالثقة بعودة الهدوء (والسلام حتى) لمنطقتنا، على أمل أن ننجح بشفاء أنفسنا والمجتمع الإسرائيلي والمنطقة بأكملها وعيش حياة مشتركة وهادئة.
واجهنا في العامين الماضيين تحديات (بل صعوبات) كثيرة، منها حرب، سفك للدماء، وخراب أسفر عن عواقب نفسية وجسدية سينبغي علينا مواجهتها. كتبت لكم في بداية العام الدراسي الماضي إن للفنون دورًا هامًا في أزمان الحرب – لكني أرى أن لها دورًا لا يقل أهمية في الأزمان التي تلي الحرب أيضًا. تمنحنا الفنون أدوات تساعدنا على التكيّف مع الواقع الجديد: الإصغاء للأفراد، رواية قصص الحرب والقتل والدمار ومعالجة الأحداث الصعبة، إعادة بناء الهياكل المادية والاجتماعية، وتزيد من قدرتنا على دعم ومساندة المواجهة الشخصية. الفنون قادرة على إثارة الأمل وقيادته أيضًا.

بيتر برويغل الأكبر، الفضائل السبع، 1559–1560.
أنجز الرسام الفلمنكي بيتر برويغل الأب سلسلة نقوش صوّر فيها الفضائل السبع: الحكمة، العدالة، الشجاعة، الاعتدال، الإيمان، الإحسان، والأمل. استُوحيت هذه الفضائل من الأساطير اليونانية واللاهوت المسيحي، وكانت تمثيلًا لمجموعة الفضائل والقيم التي ارتكزت عليها الحياة الأخلاقية وفقًا للمقاربة الأوروبية السائدة في القرن السادس عشر.
غالبًا ما تجسدت هذه الفضائل في الفنون على شكل شخصيات نسائية ملحمية. برويغل أيضًا اختار تجسيد الأمل (Spes) على شكل امرأة تقف وسط عالم مضطرب تعمّه المعاناة: حطام سفن، متسولون، أسرى ومكافحون يناضلون على وجودهم أو يمدّون يدهم نحو النور. في خضم هذا العبث تقف شخصية Spes، هادئة لكن عازمة. على رأسها خلية نحل – رمز للحياة المجتمعية والتعاون والعمل المشترك. بيدها اليمنى مرساة ترمز إلى الأمل كمرساة للروح، وفي اليسرى أدوات زراعية تشير إلى حراثة الأرض والتجدد والنمو.
يستخدم برويغل هذه الصور ليمنح الأمل بُعدًا دنيويًا ملموسًا، إذ يرى فيه قوة بشرية داخلية، وليس قوة سماوية ترقى بالإنسان فوق معاناته. ينبع الأمل، لدى برويغل، من الحياة المجتمعية والعمل البدني والعقلي، الشاق والإمكانة للتجدد – أفعال بسيطة لكن عميقة تعيد للإنسان الشعور بالطمأنينة والتغلب على اليأس حتى.
بعد حوالي مئة وعشرة أعوام من برويغل، وعلى مقربة من الأماكن التي كان نشطًا فيها، وسّع الفيلسوف اليهودي الأمستردامي باروخ سبينوزا نقاشه حول الأمل، متطرقًا هو أيضًا لمفهوم الـSpes. في الجزء الثالث من كتابه الأخلاق (1677)، يموضع سبينوزا الأمل كنقيض لليأس معرفًا إياه كبنية تتجه دائمًا نحو المستقبل. يرى سبينوزا في الأمل تطلعًا نحو الممكن، خيرًا لم يتحقق بعد. يمتزج الأمل، مع ذلك، لدى سبينوزا دائمًا بالخوف – الخوف من الحاضر أو من استحالة تحقق المستقبل المنشود.
بنظر سبينوزا، السعي والتطلع لأمل لا يخضع للخوف بل يواجهه بشجاعة وقوة. أخلاقيًا، يحذّر سبينوزا من فقدان الأمل، خاصة من تحويله إلى خوف – حتى إن الأمل، حتى الضعيف منه، هو تعبير عن قوة الحياة وحجر أساس في الطريق نحو مستقبل أفضل.
مع افتتاح العام الدراسي 2025–2026، أتمنى لكم عامًا مليئًا بالأمل يخلو من الخوف. واجبنا الأخلاقي أن نحيا بالأمل، ومعه استخدام الفنون لبناء مستقبل أفضل.
أتمنى للجميع التوفيق.

ع را ن

